الإثنين - 14 فبراير 2022 - الساعة 03:23 م
التوتر القائم بين روسيا من جهة ودول حلف الأطلسي وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميريكية من جهة أخرى بخصوص أزمة أوكراينا، رفع درجة القلق الدولي إلى مستوى لم يصل إليه حتى في ذروة الحرب الباردة.
جذر المشكلة يكمن في أن دول حلف شمال الأطلسي تسعى إلى ضم أوكراينا إلى عضوية الحلف وهو ما يعني فتح الأجواء والأراضي والمياه الأوكراينية لقوات وطائرات وبوارج وكل أسلحة دول الحلف ووضعها عند البوابة الجنوبية لروسيا، وكل العالم يعرف أن حلف الأطلسي ما يزال كما كان يوم التأسيس لا يرى عدواً له سوى روسيا، التي كانت ذات يوم اتحاداً سوفييتياً.
روسيا تتحجج بأن وجود قوات الأطلسي على حدودها سيقوي ادعاءات أوكراينا باحقيتها بشبه جزيرة القرم بما لها من موقعٍ استراتيجيٍ واقتصاديٍ وسياحيٍ هام، كما سيمكن أوكراينا (حسب الرأي الروسي ) من قمع الحركات الاستقلالية في مناطق أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية وغيرها من الأقاليم المدعومة من روسيا، التي تسعى إلى الانفصال عن أوكراينا، بينما تتحجج دول الأطلسي بأن أوكراينا من حقها الانضمام إلى أي تجمع عسكري أو سياسي أو اقتصادي وبالأخص من حقها الاستعانة بمن ترى إذا ما شعرت بالتهديد لسيادة أراضيها.
هل ستنشب الحرب في تلك المنطقة؟
الولايات المتحدة تضاعف خطاب التصعيد وتصور للعالم أن روسيا على وشك اجتياح أوكراينا، بينما روسيا تؤكد أن لا نية لها لغزو أي دولة، لكنها ترفض انضمام أوكراينا إلى حلف الناتو، أما الدول الأروربية فهي تتصرف وكأنها بعض من حارات واشنطن، تكرر ما يقوله بايدن ووزيرا خارجيته ودفاعه، وتضغط باتجاه روسيا ولا تبحث عن حلول واقعية تجنب العالم حرباً قد لا تبقي ولا تذر إذا ما اندلعت.
الولايات المتحدة تلعب في ملعب بعيد عن أراضيها ومصالحها ومنشآتها الحيوية بينما ينساق الأوروبيون وراءها وهم يعلمون أن بلدانهم ستكون مساحة لامتداد لهب الحرب فيما لو نشبت.
ومن الغريب في هذا المشهد أن الرئيس الأوكرايني يكرر أن بلاده لا حاجة لها بالحرب وأنه يمكن حل قضايا النزاع مع روسيا بالوسائل السلمية، لكن بايدن يصر على أن روسيا ستغزو أوكراينا، وكل الحركات الاستعراضية من سحب الدبلوماسيين إلى طلب الجالية الأمريكية بمغادرة أوكراينا ليست سوى جزء من التصعيد النفسي لتكريس أجواء الحرب.
وباختصار يمكن تلخيص المشهد كما يلي:
تصعيد إعلامي ولغوي بين روسيا وأمريكا، وانسياق أوروبي وراء اللهجة الأمريكية وإجراءاتها، واستعراضات روسية تهدف إلى ردع أي تفكير أوروبي أو أطلسي بضم أوكراينا إلى حلف الناتو، . . . لكن المنطق يقول إن الحرب لو اندلعت سيصعب التحكم في مساراتها، وستشعل حريقا قاريا في كل أوروبا وربما عالميا قد يبيد كلما على الأرض من كائنات حية، فالبديل إذن سيكون ضمانات متبادلة بين روسيا ودول حلف الأطلسي، تضمن فيه روسيا باحترام سيادة أوكراينا، مقابل تعهد دول حلف الأطلسي بحفظ أمن روسيا وعدم تحويل أوكراينا إلى رأس حربة في وجه موسكو وإدارة بوتين.
إلا إذا ما أصر بايدن على إشعال الحرب وهو أمر يمكن أن يصدر عن رجل بلغ به الخرف مبلغه.
والله أعلم