الحصاد النصف الشهري الأول للجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي الجنوبي سبتمبر ٢٠٢٤م

برعاية الرئيس عيدروس قاسم الزُبيدي اللقاء التشاوري الموسع لقيادات المجلس الإنتقالي الجنوبي في العاصمة عدن

‏اهتمام كبير للرئيس الزُبيدي باسر الشهداء حفظه الله اهتماماً ملحوظاً بأسر الشهداء في عموم مناطق الجنوب





مقالات


الأربعاء - 31 يوليه 2024 - الساعة 06:43 م

الكاتب: علاء علي العبدلي - ارشيف الكاتب



في لحظة من الزمن، حيث تتداعى الأفكار وتتداخل المشاعر، نترقب حدثًا مؤلمًا يجسد عمق الألم والمعاناة التي يعيشها المجتمع. تبقت ساعات قليلة فقط على تنفيذ حكم الإعدام بحق حسين هرهره، قاتل الطفلة البريئة حنين.
إن هذه اللحظات تعد بمثابة تقاطع بين الندم، والغضب، والأمل، حيث تتصارع القلوب بين رغبة الانتقام ونبض رحمة قد تنقلب بها الأقدار.

حنين، تلك الطفلة التي كانت تمثل الأمل والحياة، غادرت دنيانا في أبشع صور الظلم.
أصبح اسمها رمزًا للبراءة المفقودة ودعوة لكشف الوجه القاسي للعنف الذي يهدد كل ما هو نقي وجميل. ومع كل لحظة تمر، تزداد وطأة الفقد على والدتها ووالدها، إبراهيم البكري، الذي حُرم من ابنته بشكل مأساوي.
بات هذا الظلم الثقيل يُثقل كاهل الأسرة ويُشعل في قلوبهم نيران الفقد، مما جعل الغضب يتصاعد في صدور المواطنين الذين يتابعون القضية عن كثب.

ومع اقتراب موعد التنفيذ، يصطف المجتمع بين مؤيد لتطبيق العدالة ومطالب بالعفو. فالضغط يتزايد على والد الطفلة للحصول على القرار الذي قد يغير مجرى الأحداث. هناك ألسنة تلح عليه، وأشخاص يسعون للعبث بمشاعره، مطالبين إياه بالتنازل عن حقه في الانتقام واللجوء إلى الرحمة والعفو.
فهل سيكون القلب الجريح قادرًا على أن يسامح من سلبه أغلى ما لديه؟

إن الرغبة في الانتقام قد تكون طبيعية في مثل هذه الظروف، فهي تأخذ في حناياها شعورًا بالقوة من خلال إعادة الحق المسلوب.
ولكن في خضم ذلك، يُطرح سؤال عميق: هل يمكن العفو أن يكون فعلًا أقوى من الانتقام؟ هل يمكن لخيارات الرحمة أن تفسح المجال للتغلب على الألم وإعادة الأمل إلى قلوب المحيطين؟

ينتظر الجميع بفارغ الصبر اللحظات الأخيرة، ويتساءلون في صمت: هل سيتخذ إبراهيم البكري قرار العفو؟ هل سيتمكن من تجاوز آلامه والتطلع نحو مستقبل يقبع فيه الأمل بين جدران المعاناة؟ في حال اختار العفو، ستشرق شمس جديدة في سماء هذا العائلة المثقلة بالوجع. ستكون تلك اللحظة مشهداً للرحمة والانسانية في أبهى صورها، مما سيسيطر على المشهد العام ويبعث رسالة قوية بأن الحب يمكن أن يكون أقوى من الكراهية.

وعلى الجانب الآخر، في حال تم تنفيذ الحكم، ستغزو مشاعر مختلطة من الارتياح والغضب قلوب الكثيرين. سيكون هناك شعور بالعدالة، ولكنه سيكون محاطًا بفقدان إنسان آخر، مما يُصعّب المشهد أكثر. ففي النهاية، هل حقًا يمكن أن تُصلح العدالة ما تم كسره؟ أم أنها ستعيد العائلة إلى دوامة الألم؟

بين هذه الاستقطابات، يظل النداء نحو التعاطف والإنسانية هو الأهم، ونأمل أن تكون تلك اللحظات الأخيرة فرصة للتأمل في القيم الأساسية التي تجمعنا كإنسانية. في هذه اللحظات الحرجة، دعونا نتأمل في قدرة القلوب على العفو، بينما نتحلى بقوة الفهم والحب، ونسعى جميعًا لبناء مجتمع يليق بتجسيد قيم الرحمة والعطاء.

لنضع ثقتنا في قلب إبراهيم البكري. فلعلّ رحمة الله تتجلى في اختياره، ولعل المفاجآت الخيرة تأتي في أوقات لم نتوقعها. وفي النهاية، قد تكون هذه اللحظات العصيبة، بغض النظر عن نتيجتها، فرصة للتفكير والتأمل في أنفسنا كمجتمع وتقدير قيمة الحياة، التي تبقى أغلى ما نملك، حتى عندما تتعرض للخطر أو الفقد.