الأربعاء - 01 ديسمبر 2021 - الساعة 04:54 ص
أعرف جيداً أن فخامة الأخ الرئيس عبد ربه منصور هادي قد لا يقرأ رسالتي هذه لأسباب معروفة لا تحتاج إلى شرح، لأن الرئيس ليس لديه وقتاً لهذا الكلام وليس كما يقول الفنان عادل إمام في مسرحية الزعيم، لكنني أدعو من يستطيع إيصال هذه الرسالة إلى فخامته أن يوصلها ولو من باب الوشاية ضدي، وسأتحمل مسؤولية رد فعله على محتواها أو أية تبعات ستترتب على وصولها إلى فخامته.
إنني أتحدث عن ملايين المواطنين المحسوبين رعايا لدى رئيس الجمهورية، كراعي لهم حسب الحديث النبوي الشريف: "كلكم راعٍ وكلكم مسؤولٌ عن رعيته".
يا فخامة الرئيس!!
لقد طلبتم من الشعب الجنوبي الهبَّة للدفاع عن شرعيتكم فهبَّ الشعب استجابةً لطلبكم من كل حدبٍ وصوبْ، وطلبتم منه دحر الانقلابيين ففعل، ودعوتموه لحماية الأرض التي حررها لكم فاستجاب، وحينما خذلكم الجميع هب الجنوبيون للدفاع عنكم حتى ثبتوا شرعيتكم على الارض.
لكن ماذا كافأتم هذا الشعب؟
هل وفرتم له العيش الكريم؟
هل حميتموه من الاوبئة والأمراض؟
هل وفرتم له الأمان وحميتموه من الجريمة المنظمة والعمليات الإرهابية؟
هل قمتم بتفعيل مؤسسات الدولة ونشطتم القضاء وأطلقتم عمل النيابة العامة؟
هل حاسبتم الفاسدين وتجار الحروب وناهبي مرتبات الجنود والضباط؟
هل وفرتم الدواء للمرضى والعلاج للجرحى والغذاء للجوعى والأمان للخائفين والإنصاف للمظلومين؟
هل حميتم هذا الشعب من حر الصيف وبرد الشتاء؟
والادهى من هذا هل دفعتم للموظفين والمتقاعدين المدنيين والعسكريين مرتباتهم المنقطعة منذ قرابة العام، والتي يلزمكم القانون بدفعها نهاية كل شهر بلا تأخير؟
يا فخامة الرئيس!!
إن مستشاريكم الذين يصنعون لكم مبررات هذه السياسات المهينة لمواطنيكم، والظالمة لمن يفترض أنكم رعاة لهم ومسؤولون عن رعايتهم وعن كل معاناة يعانونها، إن هؤلاء المستشارين لا يخدمونكم بل يدفعونكم نحو المزيد من العزلة عن الشعب والمواجهة معه ويدفعون الجرحى وذوي الشهداء الذين سقطوا في معركة إعادة شرعيتكم إلى الندم على تضحياتهم في سبيلكم بعد أن أدرتم لهم ظهر المَجَن وفتحتم أبوابكم للُّصوص وتجار الحروب والفاسدين والمتسلقين الذين ما أخلصوا لكم ولا للوطن يوماً ولا واجهوا أعداءكم بجدية قط، وهم اليوم يتأهبون للانقضاض عليكم والبحث عمن يرث هذا الكرسي اللعين الذي بسببه يجوع الجوعى ويمرض المرضى ويموت الشرفاء صمتاً ويعاني المعانون ويتألم المتألمون، في بيئة صار التيار الكهربائي لا يأتي إلا بعد أيام أما المياه النقية فقد صارت مجرد ذكريات لدى المسنين فقط ممن عاشوا زمن الماء النقي المطهر بالكلور.
يا فخامة الرئيس!!
لقد أمعن موظفوك في إهانة المواطن الجنوبي الكريم العفيف المعتز بشرفه المتعفف حتى من الشكوى من سوء حاله ومما أوصلتموه إليه من هوان، حتى لم تعد هناك من وسيلة لإهانته أكثر مما مارستم معه، فهل تعتقدون أن صبر هذا الشعب لا حدود له؟ أم إن هناك من يصور لكم بأن الأمور عال العال، وأن حالة المواطن في عدن والمكلا والمهرة وحتى تعز ولحج ومأرب وأبين وشبوة لا تختلف عن الحياة في حي الناصرية والعُلَيَّا في مدينة الرياض.
هل تعلم يا فخامة الرئيس أن الناس يهاجرون من عدن ولحج والضالع وشبوة وحضرموت وأبين للعيش في صنعاء ؟
اسأل مستشاريك لماذا يفعل المواطنون هكذا؟
إنهم بالتأكيد لن يشرحوا لكم السبب الحقيقي، وقد يقولون لك إن هؤلاء المواطنين هم عملاء للحوثي وأعداء للشرعية، وفي أحسن الأحوال سيقولون أن هؤلاء هم عملاء الإمارات، لكن الحقيقة التي لا يريد مستشاروك الاعتراف بها هي أن أساليب التجويع ومحاولات التركيع التي يتبعها منفذو سياساتك هي من تدفع الناس إلى البحث عن بدائل ربما لا تكون مزعجة في هذه اللحظة لكنهم قد يلجأون إلى بدائل قد لا نعلمها نحن ولا أنتم وقد تخرج الأمور عن سيطرة الجميع، عقلاء ومجانين، ظالمين ومظلومين، حكاماً ومحكومين، لأن الفوضى حينما تنطلق لن يستطيع أن يسيطر عليها أحد حتى أولائك الذين شجعوا على إطلاقها وبذروا بذورها وغذوا بداياتها.
يا فخامة الرئيس!!
الذين يطالبون بمرتباتهم منذ نحو عام، ليسوا بحاجة أن يكونوا عملاءً لأحد، ومثلهم الذين يطالبون بالماء والكهرباء والدواء والغذاء والعدل والأمان وكذلك الذين يشكون الجوع والألم والضياع وقلة ذات اليد.
إن شرعيتكم لا تكمن فقط في أن الناس انتخبوكم منذ نحو عشر سنوات، بل أن هذه الشرعية تتوقف على ماذا قدمتم للناس وماذا استفاد الناس من وجودكم على رأس هذه الشرعية، فلا تعتقدوا أن الشعب لا يمتلك وسيلة للتصدي لما يتعرض له من محالاوت إذلال ومهانة وتركيع وإجبار على الخضوع للبُلَهَاء الذين يصنعون قراراتكم وويستعذبون تعذيب الشعب باسمكم.
إخيراً
أتوجه بهذه الدعوة إلى الإخوة في قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي الموجودين في الرياض أو في عدن.
إن المحادثات المطولة والممطوطة التي يستدرجكم إليها (خاطفو) الشرعية قد تمتد أسابيعَ وشهوراً، وقد لا تخرجون بنتيجة تستجيب للمطالب السياسية العادلة لشعب الجنوب وقد لا تصلون إلى رُبُعِ هذه النتيجة أو ثُمُنِها في هذه المرحلة، لكن صبر الجايعين ومعاناة المرضى وآلام المحرومين وعذابات المسحوقين لا تتحمل كل هذا التطويل والتسويف والمماطلة، بل تستدعي المعالجة العاجلة والفورية، وأعرف أن الأمر قد لا يكون بأيديكم وحدكم، ولذلك أدعوكم إلى مصارحة الشعب الذي فوضكم ذات يوم عمن هو المتسبب في معاناته ومن يتلذذ بتعذيبه، وأعتقد أنه قد آن أوان إعلان انسحابكم من حكومة المناصفة الفاشلة التي تحت مظلتها يمارس بحق الجنوب أبشع أنواع الظلم والضيم والقهر والإذلال، فالناس تعتبركم شركاء في هذه الممارسة طالما قبلتم المشاركة في حكومةٍ ليست فقط فاشلة وعاجرة، بل إنها فاسدة وظالمة وخادم أمين للصوص التاريخ وناهبي الموارد وقتلة أبناء الجنوب قتلا مباشراً وغير مباشرٍ، ولديكم من المبررات ما يكفي لإقناع الشركاء الإقليميين والدوليين بوجاهة هذا الإعلان.
فهلَّا فعلتم؟؟
أرجو ذلك.